أخبار الجامعة

كلمة رئيس جامعة طرابلس لبنان في جلسة افتتاح المحفل العلمي الدولي السادس في ماليزيا المنعقد اليوم السبت بتاريخ25 شعبان 1441 هـ الموافق 18 أبريل 2020م

18 April 2020

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، فإنه ليسعدنا في هذه الساعة المباركة، وعلى ضفاف شهر رمضان المبارك، الذي أزف قدومه، أن نشارك في هذا المحفل العلمي الدولي السادس المنعقد إلكترونياً من ماليزيا، ويسعدنا أن نؤكد على أمور عديدة أهمها:

أولاً: ضرورة أن تمارس الأمة الإسلامية دورها ورسالتها الحضارية في المجال الأكاديمي، ذلك أن هذه الأمة هي أمة الشهادة، ولا شهادة دون حضور فاعل على الساحة الدولية.

ثانيا: إن هذه المنصة الالكترونية، إنما تشكل نوعاً من شورى إلكترونية، شورى على الصعيد الأكاديمي لأكبر شريحة ممكنة من إخواننا الأكارم رؤساء الجامعات حول العالم.

ثالثاً: نودّ أن نشير إلى أن التفاعل البحثي إنما هو ضرورة؛ قال تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) فلا بد إذاً أن نُريَ تلك الأبحاث وتلك الأعمال البحثية والعلمية والأدبية المختلفة، لابد أن نريها جميعاً بعضنا بعضاً، لنكون شهوداً على بعضنا ولبعضنا على مستوى العالم وانطلاقاً من التواصي بالحق ومن خدمة العلم في مختلف أبوابه ونواحيه.

إني أحييكم باسم جامعة طرابلس-لبنان، مرسلاً أطيب التحيات من تلك الجامعة التي أسست عام اثنين وثمانين من القرن الماضي، وها نحن في إطار استقبال عدد كبير من طلاب العلم حول العالم ،فإن هذه الجامعة هي أول جامعة ذات رؤية حضارية إسلامية في لبنان، وميزتها أنها جامعة غير ربحية، جامعة تولي البحث العلمي أهمية كبرى، جامعة ترفض أن تسجل فيها الأبحاث التي لا تخدم العلم ولا الإنسانية، تحرص على أن يتصدى الباحث للملفات الساخنة التي يمكن أن تأخذ بيد الناس نحو الأفضل والأكمل، هذه الجامعة تتميز بوجود مراكز علمية فيها، وأهمها: المركز الدولي لحقوق الإنسان والقانون المقارن، وكذلك المركز الدولي لتدريس العربية للناطقين بغيرها، هذه الجامعة التي أسسها سماحة العالم الربانيّ الشيخ محمد رشيد الميقاتي -رحمه الله -والذي ودّعناه منذ أيام معدودات، كان حريصاً بعد ما ألزم نفسه بالتخصص المزدوج؛ الحقوق والشريعة وفلسفة الحقوق في جامعة السوربون مع الشريعة الإسلامية في جامعة دمشق، كان حريصاً أن يشجع كل الطلبة على الازدواج في التخصص Double Major ، هذه الجامعة إنما تسعى لتقديم برامج مميزة، ومنها: برنامج دولي عن علوم الأسرة ، ذاك أن الأسرة اليوم مهددة في أنحاء العالم كله بتشريعات خطيرة في إطارعولمة تشريعية، تحلّ الحرام، وتحرّم الحلال، وتُعَولِب المجتمع وفق تنميط آحادي يمارس نوعاً من إرهاب تشريعي مكشوف ومنظم لتدمير الاخلاق وتدمير الأسرة وتفكيك الدولة، وإنهاء الدين على أرض الله .

إننا في هذه الدقائق السريعة إنما نشجع كل تعاون وتشبيك بين مؤسسات التعليم العالي التي تجتمع على خدمة العلم وفق منظور إسلامي حضاري، ذاك أننا نحن الآن نعيش لحظة انكشاف حضاري حول العالم بعد تهاوي عروش منظومات فكرية كثيرة، وخاصة بعد فضيحة "الكورونا"، وهنا نقول: وبكل ثقة بالله، إن هذا الانكشاف الحضاري مرشح ملؤه بمنظومة حضارية، إنما هي المنظومة الحضارية الإسلامية، التي توازن في الرؤية الشاملة والعامة بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد، وبين حقوق رب الناس إله الناس وبين حقوق الناس أجمعين.

إننا نغتنم هذه الفرصة لنلفت عنايتكم إلى أنه ليس من وظيفة مؤسسات التعليم العالي أن تتلقف أجندات مستوردة من هنا وهناك، وخاصة من بعض أروقة الأمم المتحدة، كأجندة التنمية المستدامة المفخخة بما يهدم الأسرة في الهدف الخامس لها، ولذلك فإن مهمة الجامعات أن تشجع الباحثين على دراسة فاحصة ونقدية، تحفظ هوية الأمة، وتحفظ الهدف والرؤية التي تسعى الجامعات التي تحترم نفسه لتحقيقها ، وترفض أن تتحول إلى جامعات ربحية ، وسلعة أكاديمية ، ومصدر لتوزيع إعاشات تعليمية من هنا وهناك،

ندعو الله تبارك وتعالى أن يبارك في كل عمل فيه تعاون على البر والتقوى لما فيه خير الباحثين، وخاصة الباحثين الشباب، فإن هذه الأمة نُصِرت بالشباب ، وإن فئة الشباب عليهم المعوَّل، ولابد من وضع الإمكانات البحثية مجاناً على المنصات الالكترونية.

نحن نشرف بأننا قد أسهمنا في تفعيل "منتدى رؤساء الجامعات الماليزية العربية" على مدى دورتين ، ونحيي من هذه الجامعة، جامعة طرابلس-لبنان كل رؤساء الجامعات الماليزية الذين تربطنا بكثير منهم علاقات واتفاقيات تعاون علمي وثقافي، كما مع إخواننا في تركيا وكثير من الدول العربية والآسيوية وصولاً إلى الصين.

أسأل الله تعلى أن يتقبل هذه الجهود، وأن يجمعنا على رضوانه، إنه سميع قريب مجيب والحمد لله رب العالمين.